منتديات عالم النفــس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اهلا بكـم في منتديات عالم النفـس


    الاضطراب الوجداني ثنائي القطب يزداد بين المبدعين !

    ولد الخير
    ولد الخير
    عالم كبير
    عالم كبير


    الـدولــــة : الكويــــت

    ذكر
    عدد المساهمات : 76

    تاريخ التسجيل : 20/01/2012

    الاضطراب الوجداني ثنائي القطب يزداد بين المبدعين ! Empty الاضطراب الوجداني ثنائي القطب يزداد بين المبدعين !

    مُساهمة من طرف ولد الخير الجمعة يناير 20, 2012 11:47 pm



    الاضطراب الوجداني ثنائي القطب يزداد بين المبدعين!!

    نوبات من الكآبة
    د.ابراهيم بن حسن الخضير

    عُقد المؤتمر الثالث للاضطراب الوجداني ثُنائي القطب في أدنبرة، عاصمة مقاطعة اسكتلندا من 2 إلى 5 أغسطس هذا العام (2006)، وحظي بحضور كبير تجاوز الآلاف من أطباء واختصاصيين نفسيين واجتماعيين وممرضين، وكذلك جميع المهتمين بهذا الاضطراب المهم من العاملين في قطاع الصحة العامة والصحة النفسية.

    الجمعية العالمية لاضطراب الوجدان ثُنائي القطب أنشأت قبل أكثر من ثلاثة أعوام بعد أن لاحظ العاملون في مجال الصحة النفسية أهمية هذا الاضطراب، وكذلك ملاحظة ازدياد الأشخاص المصابين به، فقد كان في السابق يُعتقد بأن نسبته لا تتجاوز 2,5٪، لكن الدراسات الحديثة تتوقع أن تكون نسبته أكبر من هذه النسبة. والأمر الأكثر أهمية هو أن تشخيص المرض كثيراً ما يفوت على كثير من العاملين في مجال الصحة النفسية، وبالتالي يكون هناك خطأ في العلاج نتيجة الخطأ في التشخيص.

    هذا المرض والذي كثيراً ما يمر على بعض العاملين في مجال الصحة النفسية دون أن يستطيعوا تشخيصه نظراً لأن أعراضه أحياناً كثيراً ما تكون تختلط مع بعض الاضطرابات النفسية والعقلية، بل أن المرضى كثيراً ما يعيشون حياة صعبة ولا يُراجعون الأطباء النفسيين، وكذلك لا يطلبون المساعدة الطبية من أي جهة علاجية للأمراض النفسية والعقلية. هذا الاضطراب والذي عانى منه كثير من المشهورين والعظماء مثل رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، الذي يُعد من أعظم رؤساء الوزارات والذي قُدّر له أن يقود بريطانيا العظمى في أحلك وأصعب الأوقات وهي فترة الحرب العالمية الثانية، وقاد بريطانيا إلى الانتصار وجنّبها الكثير من الويلات في هذه الحرب المُمّرة. ونستون تشرشل كان يعرف أنه مصاباً بهذا المرض، وثقافته ووعيه جعله يتناول الأدوية المتوفرة في تلك الفترة حتى يتجنب الانتكاسات التي تصيب الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب المزعج. كان ونستون تشرشل يُسمي نوبات الكآبة التي هي الطرف الآخر في هذا الاضطراب «الكلب الأسود» (The Black Dog)، وبقي هذا الوصف البليغ مستخدماً من قبل الكثيرين الذين يُعانون من هذا الاضطراب.

    الاضطراب الوجداني ثُنائي القطب، مرض وراثي، بل إنه أكثر الأمراض النفسية والعقلية، حيث تصل نسبة الوراثة فيه إلى نسبة 60٪..! وهي نسبة عالية بجميع المقاييس.

    المرض يبدأ في سن مبكرة قد تصل إلى سن الطفولة كما ذكر بعض المرضى الذين تم تشخيصهم في سن متأخرة. حيث قال هؤلاء الأشخاص الذين عانوا من الاضطراب من سن الطفولة، بأنهم كانوا يعانون من نوبات من الكآبة تستمر لفترات قد تطول أو تقصر ولكن لا أحد ينتبه لهذه الكآبة عند الأطفال، وربما عانوا من نوبات من المرح ولكن الأهل والمحيطين بالطفل من أصدقاء ومدرسين يعتبرون هذا نوع أو حالة من نشاط زائد عند الأطفال حتى يصل الطفل إلى سن متقدم، خاصة بعد العشرين وأحياناً الثلاثين فيتم تشخيصه بالاضطراب الوجداني ثُنائي القطب، والبدء في علاجه بعد أن يكون أمضى سنوات من المعاناة وأحيانا تكون قد أثّرت على تحصيله العلمي، وربما لم يستطع إكمال دراسته نتيجة نوبات الكآبة والهوس التي لم تُعالج عندما كان في مُقتبل العمر. وهذا الاضطراب والذي قد يبدأ في الطفولة أو المراهقة ولا يتم تشخيصه إلا بعد سنوات من المعاناة وقد يكون ترك الدراسة أو طُرد من الدراسة نتيجة تأثير أحد نوبات الاكتئاب أو سوء تصرف عندما كان هذا الفتى تحت تأثير نوبة هوس جعلته يتصرف بغير وعي وكما هو معروف لدى مرضى الهوس.


    المؤتمر ناقش باستضافة أهمية التشخيص، وتوخي الحذر في فحص المرضى الذين يُشك في أنهم قد يكونون مُصابين باضطراب وجداني ثنائي القطب. ونوقشت أوراق عديدة حول تشخيص المرض وعلاقة التشخيص بالثقافة والظروف الاجتماعية السائدة والطقوس والأعراف، نظراً لأن هناك بعض ثقافات أو مجتمعات قد تنظر إلى هذا المرض خاصة إذا لم يكن في صورة شديدة على أنه أمر طبيعي لا يستدعي العلاج، خاصة إذا كان المجتمع ليس لديه ثقافة عن الأمراض والاضطرابات العقلية.

    الجدير بالذكر أن هذا المرض يُكثر بين المبدعين من الشعراء والروائيين والرسامين والنحاتين والممثلين وغيرهم. فهناك مثلاً أرنست همنجواي الروائي والقاص الأمريكي الكبير الذي كان يُعالج من هذا المرض، ولكن للأسف في أحد نوبات الاكتئاب أطلق النار على نفسه بعد أن مر بنوبة اكتئاب حادة شديدة، وقد تم علاجه منها بالجلسات الكهربائية، لكن ذلك لم يمنعه من قتل نفسه ببندقية صيد...! الشاعر والفنان المصري الكبير، المتعدد المواهب من شعر ورسم كاركتيري وتمثيل، أيضاً كان يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطب وكذلك في أحد نوبات كآبته أقدم على الانتحار بأخذ كميات كبيرة من الأدوية المضادة للألم مما أدت إلى وفاته.

    تطرق المجتعون في المؤتمر إلى دور الوراثة والعوامل الأخرى التي قد تؤدي أو تقود إلى الإصابة بهذا الاضطراب المُزعج.


    أخيراً ناقش المؤتمر أهم أمر بالنسبة لهذا الاضطراب، وهو العلاج. تطرّق الباحثون إلى ضرورة العلاج بشكل جاد للمصابين بهذا المرض، ومحاولة منع تكرار حدوثه باستخدام ما يُعرف بالأدوية المُثبتة للمزاج، وأشهر هذه الأدوية هي انتكاسة المريض وعودة المرض له مرة أخرى. إلا أن العلماء المتخصصون في هذا المرض ركزوا على أن الليثيوم وإن كان فعّال بصورة جيدة جداً، إلا أنه يجب توخي الحذر الشديد جداً في وصف هذا العلاج نظراً لأعراضه الجانبية الخطيرة مثل الفشل الكلوي وكذلك تأثيره على الغدة الدرقية. ونصحوا باستخدام البدائل الجديدة المتوفرة حالياً في الأسواق مثل الكاربامارزابين والصوديوم (Carbamazapine) والصوديوم فالبرويت (Sodium Valproate)، على أن يتم فحص دوري لمستوى هذه الأدوية في الدم بصورة منتظمة حتى لا تقود إلى أعراض جانبية سيئة. والعلاج الأخير هو الالموتروجين (Lamotrogine)، وهو الأحدث والذي أوصت به الجمعية الأمريكية للطب النفسي كدواء جيد جداً لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وميزة هذا الدواء أنه فعّال ويوازي مفعوله الليثيوم، غير أنه لا يحتاج إلى فحص دوري للدم وكذلك ليس له الأعراض الجانبية التي يُسببها الليثيوم، والعيب الوحيد ربما لهذا الدواء هو غلاء سعره مقارنة بالأدوية الأخرى التي تتميز برخص ثمنها..!

    اضطراب الوجدان ثنائي القطب مرض منتشر في المملكة العربية السعودية، ولكن للأسف لا توجد دراسات عن هذا الاضطراب المهم جداً.. نأمل أن نرى مزيداً من الاهتمام به في المستقبل.!

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 2:11 am